Omrania | CSBE Student Award for Architectural Design 2018 Eleventh Cycle Jury Report AR

تقرير لجنة التحكيم

الدورة الحادية عشر – ٢٠١٨ من جائزة العمرانية ومركز دراسات البيئة المبنية الطلابية للتصميم المعماري

 

ملاحظات عامة:

تعتمد لجنة التحكيم حين تقييمها للمشاريع المقدّمة للجائزة على المواد البصرية المرتبطة بهذه المشاريع التي تُقدم لها. ومن أهم الأمور التي لاحظناها خلال عملية التحكيم هي عدم وجود فهم واضح لمواد البناء وتقنياتها. ويمكن أن يكون ذلك مرتبطاً بعدم تضمّن غالبية كليات وأقسام العمارة في الجامعات العربية وِرَشاً فنية يمكن للطلاب فيها التعامل مع وتجربة مواد تتضمن الخشب والحديد والطوب. وبالتالي، نلاحظ فجوة واضحة بين عملية تكوين الأشكال عند الطلاب من جهة، وبين قدرتهم على ترجمة هذه التكوينات إلى واقع معماري من جهة أخرى. من الجدير بالذكر في هذا السياق أن الحوالي مئتي مشروع التي قيّمناها لهذه الدورة لم تحتوي على تفصيل إنشائي واحد.

من الواضح أيضاً أن ألأنظمة الأكاديمية الشائعة في الوطن العربي لا تُحفّز مُدرّسيها على إستكشاف الحدود المعرفية من خلال البحث أو الدراسة، وهذا ينعكس سلبياً على مشاريع طلابهم الذين يتشكلون بشكل مباشر من خلال مدرسيهم وأفكار مدرسيهم. وبما أنه من المتوقع من الطلاب إتباع منهجيات مدرسيهم، فإن ذلك يحرمهم من فرص للنمو. إن على العملية التعليمية أن تشجع الطلاب على توسعة آفاقهم بدلاً من تضييقها، وأن تحثّهم على التفكير النقدي بدلاً من التقبل الأعمى لما يُقدّم لهم.

ولذلك يبدو أن مدارس العمارة، بدلاً من أن تحتفي بإمكانيات طلابها وفرديتهم، تحدّ من آفاقهم وتفرض عليهم العمل ضمن أطر ومعادلات جاهزة وجامدة تعتمد على الصور البراقة المعدّة حاسوبياً. يجب تدريس طلاب العمارة من خلال وجهات نظر مختلفة، وليس من خلال وجهة نظر مفردة.

وقد لاحظنا أنه يمكن إختزال هذه المعادلات الجاهزة إلى إثنتين. الأولى تُركز على إنتاج مشاريع ضخمة توَفّي المتطلبات الأكاديمية من حيث المساحية والوظيفة، ولكن تُفرض بشكل إصطناعي على قضايا اجتماعية أو مواقع أثرية أو معالم طبيعية. وفي هذا السياق، فإن لجنة التحكيم واجهت مشاكل في التعامل مع البرامج الوظيفية، إذ تطمح معظم المشاريع المقدّمة إلى إثبات شرعيتها من خلال البرامج الوظيفية، ولكن نجد أن هذه البرامج في غالبية الأحيان مفتعلة. ويمكن أن يكون ذلك محاولة للتهرّب من مهمة التصميم الصعبة التي تتطلب جهداً كبيراً. كذلك يجب أن لا نعمل دائماً على تجنّب العادي والمحايد، إذ أنه من المهم أن نتفهّم أن عملية البناء في غالبية الأحيان ليست عملية بطولية، وإنما عملية تتطلب نشاطات صعبة وحتى مملة تتضمن إجراء الحسابات وأيضاً المفاوضة والتأقلم وحل المشاكل.

أما المعادلة الثانية، فإنها تُنتج مشاريع مجرّدة منفصلة تماماً عن الواقع بسبب غموضها وفقدانها البصيرة وعدم إرتباطها بأي محيط فيزيائي أو ثقافي أو إجتماعي.

من الواضح أيضاً إنعدام الوضوح في المنتجات النهائية وأيضاً في الأساليب التي أدت إلى إنتاجها. إن تقييمنا للمشاريع مبني على المواد المرئية المقدمة لنا التي لم تَعرض في العديد من الحالات ما يكفي من المعلومات اللازمة لشرح المشروع بشكل واضح ومُحكم. وإن ذلك ينطبق على عملية تطوير المشروع وأيضاً على تشكيل المشروع النهائي؛ وينطبق ذلك أيضاً على النصوص المرافقة للمشاريع.

لذلك كانت النتيجة مجموعة من المشاريع التي رأينا الكثير مثلها في السابق والتي تعيد إنتاج أنماط مستهلكة، وكذلك فإنها غير مترابطة ومنفصلة عن واقعها، والأهم من ذلك أنها فاقدة الفهم للتاريخ وللأنماط المعمارية.

علاوة على ذلك، وإعتماداً على المشاريع المقدّمة، يبدو وكأن مستقبل العمارة يعتمد على المشاريع الضخمة والمتضخمة. هل هذا تجسيد حقيقي للواقع؟ لماذا لا تسمح كليات ومدارس العمارة لطلابها بأن يُصمّموا مشاريع أصغر ذات صلة أقرب لحياتنا اليومية وواقعنا اليومي؟ إن تصميم هذه المشاريع الضخمة والمتضخمة ليس وصفة أساسية لتعلّم العمارة أو لفهم التعقيد المعماري.

 

*  * *

 

إن كل ذلك يحرم الطلاب من التفاعل مع العمارة على صعيد شخصي، ويحرمهم من تعلّم كيفية تشكيل مبانٍ من خلال أشكال وفراغات أساسية التي تُغيَّب لصالح صور جاهزة للإستعمال.

وكنا نتمنى أن نرى مشاريع تعالج أمور وتحديات مهمة مثل التزايد المستمر للكثافة السكانية في المدن العربية، ومشاريع تعطي الإهتمام الملائم لتصميم المواقع وللتصميم الداخلي.

وبالطبع، لاحظنا ضعفاً في قدرات التصميم الأساسية مثل تصميم المساقط الأفقية أو تصميم مواقع المشاريع، وأيضاً تقديم المقاطع عامة والتفاصيل والرسومات الفنية بدلاً من الإعتماد المفرط على الرسومات الثلاثية الأبعاد المنتجة حاسوبياً التي تركّز على التشكيلات الخارجية.

 

المشاريع الحاصلة على الجائزة:

 

المشروع الفائز:

إعادة التوطين والمصالحة الحضرية: القرنات الثلاث في مصر

ينطلق هذا المشروع من أسس العمارة الشعبية وينقلها الى المعاصرَة. يشرح المشروع غرضه وهدفه بوضوح. وبالرغم من إرتباطه بقرية القرنة الجديدة لحسن فتحي إلا أنه ليس مشروعاً رومنسياً، بل مشروعاً واقعياً يتعامل مع قضايا إجتماعية بشكل متماسك. ويتفاعل المشروع مع محيطه بطريقة واضحة ومعقدة ودون الإعتماد على الحنين لزمن سابق.

يعالج هذا المشروع قضايا متعلقة بالمناخ والندرة المائية وتصميم المواقع والتشكيلات الحضرية والإحتياجات الإجتماعية والإقتصادية بحساسية وبوعي بيئي وبإهتمام بالتفاصيل. ويربط وينسج المشروع المواقع الثلاثة التي يمتد عبرها بفعالية ونجاح.

من الجدير بالذكر بأن المشروع واقعي للغاية في رؤيته وفي تنفيذه. ولا يحتاج إلّا لتعديلات طفيفة لتجهيزه للتنفيذ. إنه مشروع مُعدّ للنجاح.

ولكن لدينا إنتقاد للمشروع، وهو أنه لم ينجح في تفسير العلاقة بين مكوّناته المختلفة، ويمكنه الإستفادة من إضافة المزيد من الرسومات التفصيلية والحد من الرسومات المنتجة حاسوبياً.

 

مشاريع مرتبة الشرف:

١٨٥ مصادفة

يبحث هذا المشروع على فرص في المدن ذات الكثافة السكانية العالية، ويجد حلولاً فيها. يتضمّن المشروع عدّة أنظمة لحل قضايا حضرية مثل تفعيل أسطح الأبنية وتكوين فرص لعب للأطفال وتطوير فضاءات مجتمعية. يتّصف المشروع بجمال تقديمه ورسوماته وتفاصيله. وقد لفت إنتباهنا أن الطالب(ة) نفّذ(ت) بعض عناصر هذا التصميم على أرض الواقع.

ولكن غالبية التدخلات التي يتضمنها المشروع تشبه الحيل المرئية أكثر من أن تكون عناصر حضرية ناضجة، وبعضها غير ضروري. وبالنتيجة، فإنها في النهاية أشبه بمجموعة من العناصر الحضرية التزيينية الموضوعة في مجتمع أقل حظاً. وقد كان من الأجدر لو تم التعامل مع تدخل واحد أو تَدخّليْن فقط تُصمّم بشكل تفصيلي وواف. ونتيجة لذلك، تبقى قوام المشروع مشكك بها، إذ أن النتيجة أقرب إلى التصميم الصناعي من العمل المعماري.

 

صور، المدينة المجزأة

لقد لفت إنتباهنا طريقة تعامل هذا المشروع مع موقعه. يتركّز المشروع على المناطق التي تقع في محيط موقعه، ويبقي على وسط الموقع كمكان مفتوح. ومن الواضح أن هناك كمّ كبير من البحث والدراسة وراء هذا المشروع، ولكن نجد تقصيراً في التعامل مع موضوع المقياس، سواء كان مقياس المدينة أو مقياس المواقع الأثرية التي يضمّها.

وبالإضافة لذلك، فإن طريقة عرض المشروع تفتقد الوضوح، وإن ما يُقدم غير شامل. وتميل طريقة العرض إلى الزيادة المفرطة. وكذلك يتعامل المشروع مع مدينة صور وكأنها مساحة غريبة وُضع فيها تكتيلٌ مبني كان من الممكن بنائه أينما كان، ويتضمن المشروع لغات معمارية كثيرة.

 

 

 

الياس أنسطاس

سهل الحياري

عمّار خمّاش

 

تشرين الأول، ٢٠١٨